قناة جونقلي
قناة جونقلي قناة ري لنقل بعض من مياه بحر الجبل شمالا لري الأراضي الزراعية في مصر والسودان، بدأ شقها ولم يكتمل المشروع ثم توقف.
تاريخه
[عدل]يرجع التفكير في قناة جونقلي إلى عام 1883 قبل الاحتلال البريطاني للسودان، بعد دراسات وبحوث مكثفة بدأت في عام 1947 وانتهت في عام 1977 توصل البلدان إلى خطة عمل للاستفادة من المياه الضائعة بمنطقة السدود ومستنقعات بحر الجبل وتمخضت الدراسات والبحوث الاستشارية إلى حفر قناة تستوعب المياه الزائدة من المستنقعات وكميات المياه التي كانت تتبخر سنوياً دون الاستفادة منها. وبعد عدة محاولات جاءت التوصيات إلى حفر خط مائي يربط بين منبع القناة ببلدة جونقلي وحتى المصب لتصب عند فم السوباط بالقرب من ملكال.[1]
وكانت هناك عدة خيارات وخطوط مقترحة لشق قناة وأخيرا توصل القائمون على المشروع إلى التركيز على خط يربط بين فم السوباط قرب ملكال وقرية جونقلي عند نهر أثيم بمنطقة الدينكا بالقرب من بور حاضرة ولاية جونقلي. لكنه ثبت من الدراسات الهيدرولوجية ان هناك عوائق عدة ربما تعوق خط الملاحة. فكان هناك خط بديل لمقترح أخر يمتد خط القناة إلى بور ويأخذ انحرافا إلى الشرق ليستوعب منطقة الدينكا عموما. وهو الخط الذي وافقت عليه كل الأطراف بتوصية من خبراء ومستشارين وبيوتات خبرة أجنبية.
الخط الجديد لقناة جونقلي بور- ملكال يبلغ طوله 360 كيلو متراً بينما الخط القديم الذي يبدأ من قرية جونقلي وحتى ملكال يبلغ طوله 280 كيلومتراً وكان تكلفة تنفيذه عالية جدا بالمقارنة بالخط الجديد نسبه لإضافة تكلفة أعمال السدود والجسور التي سوف تقام على جانبي نهر اثيم.
ويمتاز أيضا الخط الجديد أنه يمر عبر القرى المركزية التي تأخذ موقعها على طول خط القناة وتستفيد منه القبائل النيلية الثلاث الشلك شمالا والنوير الذي يحتل أراضي الوسط ثم قبيلة الدينكا الممتدة من حدودها مع النوير وحتى بور منبع القناة.
ولكن بدأ الاتفاق على شقها بين مصر والسودان عقب حرب أكتوبر 1973، وتحديدا في عام 1974، وفكرتها تقوم على شق قناة بطول 360 كم بين مدينتي بور وملكال في الجنوب السوداني. وكان المخطط أن تؤدي القناة إلى توفير المياه التي تضيع في المستنقعات، وتجفيف مليون ونصف فدان من أراضي المستنقعات الصالحة للزراعة.
مشروع حفر قناة جونقلي تم تنفيذ الجزء الأكبر حيث تم حفر 260 كيلومتراً بواسطة الشركة الفرنسية التي فازت بعطاء تنفيذ الحفر لكن توقف عند قرية الكونقر نتيجة نشوب الحرب عام 1983 بين الحركة الشعبية بقيادة قرنق والحكومة المركزية. وخلال الفترة من 1983 ـ 2005م توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام لم يتم أي عمل بخصوص تكملة الجزء المتبقي من الحفر أو إقامة أي مشروعات تنموية كما كان متوقعاً، وظل الموقف كما هو حتى الوقت الحالي.
الآن وبعد أن هدأت الأحوال وعم السلام والاستقرار الأمني بالمنطقة مازال الجانبان السوداني والمصري يلزمان الصمت ولم يفكرا في تكملة الجزء المتبقي من الحفر ويقدر بحوالي 100 كيلو متر حيث أن ماكينة الحفر العملاقة توقفت عند قرية كونقر منطقة قبائل الدينكا.
من أهم الميزات والفوائد الموجودة من مشروع قناة جونقلي هي زيادة إيرادات المياه للنيل بحوالى 55 مليون متر مكعب من المياه يستفيد منها البلدان في فتح مشروعات زراعية بمساحات كبيرة لمقابلة احتياجات أعداد السكان المتزايدة سنويا.
وتنص بنودها على أن تكون إيرادات مياه النيل مناصفة بين كل من مصر والسودان.
لكن مع استمرارية الحياة وتزايد أعداد السكان بصورة مضطردة أصبحت المياه المخصصة لكلا البلدين لا تفي باحتياجات السكان ونشاطاتهم الزراعية والتنموية. لذا جاء التفكير للاستفادة من المياه الضائعة والمبتخرة بمنطقة مستنقعات بحر الجبل.[2]
الآثار البيئية
[عدل]بما أن المشروع لم يكتمل قط، فالآثار البيئية المتوقعة أدناه قد استخلصت من التقرير الرسمي للمشروع.[3]
منسوب النهر
[عدل]يرتفع منسوب النيل حالياً في موسم الفيضان وينخفض في باقي أشهر السنة. و عندما يتم ضبط جريان النيل عن طريق القناة والمشاريع المصاحبة فإن الوضع الطبيعي (الحالي) سيتغير بحيث تنخفض المناسيب في موسم الفيضان وترتفع في باقي السنة.
ستخفض القناة نصيب بحر الجبل وبحر الزراف من مياه النيل إلى 30% فقط من المنسوب الحالي.[3]
غمر الأراضي بالمياه
[عدل]ستغيرالقناة والمشاريع المصاحبة كثيراً في الظروف الطبيعية للمنطقة الجنوبية (جنوب القناة). ذلك أن الأراضي النائية البعيدة عن النهر ستغمرها المياه في الفترة الشحيحة الأمطار وستنحسر عنها في فصل الأمطار وهو عكس ما يحدث حالياً.[3]
أما في منطقة السدود ففي أوقات ارتفاع النيل ستنحدر الزيادة في الإيراد عبر القناة لتجنب زيادة المناسيب في بحر الجبل وبحر الزراف لتقليل فاقد التبخرو التسرب من المستنقعات (السدود). و سيترتب على ذلك ألا تغرق المستنقعات والأراضي المجاورة لها كما يحدث الآن في موسم فيضان النيل.[3]
أما في المنطقة الشمالية شمال مصب نهر السوباط فسيقل الفرق بين المنسوب الأعلى للنيل الأبيض (في موسم الفيضان) و منسوبه الأدنى (في موسم الجفاف) و عليه فسيتوسع مجرى النهر وسيغمر بعض الأراضي الإضافية.[3]
الغطاء النباتي
[عدل]ستصبح المراعي على ضفتي النهر من جوبا و حتى كوستي خالية من النباتات عندما ينخفض إيراد النهر إلى حده الأدنى.[3]
أما في منطقة السدود حيث تمتد المراعي لمساحات شاسعة على ضفتي النهر فستفقد المنطقة بعض المياه التي ترويها حالياً وسترويها فقط مياه الأمطار وأو المياه التي تتسرب إليها من الأراضي الداخلية للنهر. وبناء على ذلك من المتوقع أن تحدث تغييرات كبيرة على نوع وتوزيع الغطاء النباتي ولن يتحقق من مدى هذه التغيرات إلا بالتجربة العملية على امتداد فترة طويلة قد تصل إلى 25 عاماً بعد إكمال القناة. وبما أنه من المتوقع أن تقل التذبذبات في منسوب النهر فإن بعض الأجزاء من أراضي المراعي سوف تغطى بالماء بصورة دائمة ولن تكون صالحة للزراعة أو الرعي في أي وقت من الأوقات.[3]
بلا ريب ستؤثر القناة والمشاريع المصاحبة تأثيراً ضاراً على كل من يقيمون في المنطقة الشمالية (شمال مصب القناة) و على بعض من يقيمون في المنطقة الوسطى وإن كان من المأمول أن تؤثرإيجابياً على بعض ساكني المنطقة الوسطى.[3]
الأثر على السكان
[عدل]تعيش في المنطقة الجنوبية بين مدينة جوبا وتومب قبيلتي الباري والمنداري و تملكان قطعانا كبيرة من الأبقار والماعز و الضأن التي يرعونها على ضفتي النهر والجزر في كل عام خلال شهري مارس وفبراير. وقد تؤدي القناة والمشاريع المصاحبة لفقد القبيلتين لهذه المراعي.[3]
شمالاً من هاتين القبيلتين يعيش الدينكا: دينكا العالياب حول يرول ودينكا بور بالضفة الشرقية للنهر ويعتمدون جميعاً وبشكل كبير على الأبقار في حياتهم. يمتلك دينكا بور مساحات واسعة من المراعي المطرية وفي السنوات شحيحة الأمطار ينتقلون للرعي في وادي العالياب مع دينكا العالياب. ستغمر المياه وادي العالياب بصورة دائمة بعد اكتمال القناة والمشروعات المصاحبة مما سيضر بالقبيلتين بشكل كبير.[3]
المصادر
[عدل]- ^ محمد الحسن درار. "من يبكي مشروع قناة جونقلي". الحدق. مؤرشف من الأصل في 2008-10-04. اطلع عليه بتاريخ 2009-07-29.
- ^ Waters of the Nile مياه النيل (كتاب)
- ^ ا ب ج د ه و ز ح ط ي مشروع جونقلي القديم و الحديث، تأليف فريق أبحاث جونقلي الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل، ترجمة و إعداد هنري رياض و فتح الله رياض و الجنيد علي عمر، دار الجيل بيروت لبنان، 1984.